الجمعة، مايو ٢٦، ٢٠٠٦

علاء يحكي عن يوم اختطافه

الأحد 7 مايو
بعد ما رجعنا من الغردقة خدنا يومين خمول وبعدين قررت أبدأ اتحرك فى موضوع المعتقلين بأني أكون موجود يوم عرض أول دفعة على النيابة لتجديد الحبس "الاحتياطي".
قضيت ليلة لطيفة مع منال ورتبت يومى، هيبدأ اليوم بوقفة قدام النيابة ونظرة على جلسة الطعن بتاعة القضاة وبعدين اجتماع مهم في الشغل وبعد الشغل هيبقى فى طبيخ وأفلام ودلع.
أمام محكمة جنوب القاهرة
الصبح بدري وصلت قدام المحكمة ملقيتش غير
سلمى ولقيت لواءات وظباط وحتى سامى سيدهم مدير مباحث شرق القاهرة بيهشّونا ويخطرونا أن محدش من كفاية هيوصل المحكمة النهارده.
اتصلت بوالدتى واتفقنا نتقابل بعيد عن المحكمة قدام مديرية الأمن وهناك قابلت والدي ووالدتي و د. عايدة سيف الدولة وهوب اتلم علينا الأمن ونفس الرسالة محدش هيدخل المحكمة.
بابا فهمهم إنه محامي وإنه لازم يحضر مع النيابة وأن في معانا شهود نفي. فكان الرد إن الشباب مش هيعرضوا على النيابة أصلاً وفهمنا إن ورقهم بس اللي نازل.
المهم بعد لت وعجن كتير اتفقنا ان المحاميين يدخلوا والباقي يستنى بره، إذا وكيل النيابة طلب شهود نفي الناس تدخل وعلى الأساس ده استنينا في الشارع.
بدأ الأمن يخنق وينفسن ولو سمحتوا أقفوا هنا ولو سمحتوا روحوا هناك وأصل حركة المرور (طبعاً المرور كان عطلان بسبب مئات العربيات والآف الجنود البواسل بتاعتهم) و كالمعتاد أمى عندت وبرضه كالمعتاد أنا لوشت في الأمن وسلمى تنشنت. المهم انضملنا مجموعة شباب منهم ناس من الغد و
وائل عباس وياسر النديم ومنهم رفيق الحبسة فادي أمين اسكندر والبنات أسماء وندى ورشا اللى اتمسكوا وعددنا وصل حوالي 15.
كل ده أحنا واقفين بس على جنب الطريق قدام دار الكتب شويه وراحوا مكردنينا بكام ميت عسكري وابتدوا يزقّوا ويضربوا ويفعصوا وابتديت انا اتخانق لحد ما قلبناها مظاهرة.
بعد ما بقيت مظاهرة انضملنا حوالي 15 كمان وعملنا شوية أزعرينا، قعدنا كده لحد 12:30 لما بلغنا قرار النيابة بأن يعاد العرض باكر بحضور المتهمين وقرار المحكمة بالتأجيل ليوم 28 واتفقنا إننا نفض بقى عشان نشوف شغلنا.
الفسل العيل سامي سيدهم لما سمع إننا عايزين نمشي قالك إنتـو مش وقفتوا بمزاجكم أنا بقى همشيكوا بمزاجي "هاهاها" بيجيبوا الحمير دي منين؟ على فكرة سيدهم ده كان قائد العمليات يوم
30 يوليو.
كل ده أنا مش مدي خوانة وقاعدين نهرج ونّكت على ظابط أمن الدولة المرعب اللى لابس تى شيرت مكتوب عليه Psycho Alcatraz. لحد مالقيناهم بيفتحوا الكردون والأمن المركزي بيبعد والناس خمنت ان ده معناه اننا مروحين لكن هوب قفز سيدهم وشاور على مجموعه منّا وهوب برضه قفزت الكلاب وشالونا، حاولت أفلفص أو أخشّب جسمي، حاولت أحمي الكاميرا والموبايل لكن على الفاضي خدوا الكاميرا والموبايل وشالوني ورموني في ميكروباص مع 11 شاب وشابة من المجموعة.
قسم السيده زينب
انطلق الميكروباص على قسم السيدة زينب فادي وكريم والبنات قعدوا يتكلموا على هل حد ماشي ورانا ولا لأ وتفاصيل من دي أنا كنت ساكت تماما ومش فاكر خالص كنت حاسس بايه أو بفكر فى ايه وقتها.
في القسم نزلت أنا الأول وخدوني على أوضة جنب مكتب المأمور. دقيقتين وطلعوني ولقيت الكل واقف مرصوص وشه فى الحيط عدا البنات. بعدين سمعت صوت البنات جاي من أوضة تانية.
وقفت إيدي على الحيطة وفتشوني يجي عشرين مرة خدوا كل اللي في جيبي عدا الفلوس وبعدين خدوا كشف بالحاجات اللي اتاخدت مني لحظة القبض علينا. غمّوا عنينا كلنا و ربطوا ايدين الجميع ورا ضهرهم ما عدا أنا و كريم الشاعر (ماعنديش فكرة ليه مربطونيش) و سابونا متذنبين قدام الحيط و غير مسموح الجلوس.
بعد مدة طويلة بقى التحمل صعب (متذنبتش من أيام المدرسة) أخيرا سمحولنا نقعد بس مقرفصين و وشنا في الحيطة و برضه سابونا مدة طويلة جدا لحد ما بقينا مش قادرين نستحمل، أخيرا سمحولنا نلف و نقعد على الأرض و نسند ضهرنا. كل ده و أنا متغمي و طبعا مرعوب..مش فاكر و مش عايز أفتكر مخي كان جايب ايه في الساعات دي. مر وقت طويل تاني و لقينا عساكر بتقومنا و تدخلنا طرقة أو أوضة ضيقة، طبعا افتكرت دي لحظة الضرب لكن طلع أننا صعبنا عليهم و خدونا يقعدونا في مكان مريح و بعيد عن الأعين، و دخلولنا مية و شوية و البنات بعتولنا أكل و أكتشفنا أن تلاتة مننا خرجوا خالص!!
في عربية الترحيلات
مر وقت كمان و لقيناهم بينقلونا تاني و راحوا مكبشينا في بعض و أحنا لسه متغميين و طلعنا برة القسم و في عربية الترحيلات.
و أحنا بنطلع العربية سمعينا صوت تسقيف و هتاف و عرفنا أن زملائنا بره.
في العربية العساكر اللي كانوا معانا طلعوا جدعان و خففولنا الكلابشات و شالوا الغمامات، قعدنا السكة كلها نهتف و نغني بقيادة فادي اللي كان ليه دور كبير قوي في رفع معنوياتي طول الحبسة.
عربية الترحيلات مشكلة كبيرة أولا دايما بيسوقوا بسرعة و تهور و تقعد تقع و تندلق و تخبط جوه، و بعدين ليها شبابيك سلك صغيرة صعب جدا تشوف منها أنت رايح فين و في نفس الوقت محدش بيقولك حاجة و بالتالي لازم تقعد تخمن.
نيابة أمن الدولة
وصلنا نيابة أمن الدولة، شالوا الغمايات خالص قبل ماينزلونا و أول ما دخلت لقيت كل المحامين الحقوقيين و المسيسين و الحزبيين و النقابيين اللي أعرفهم و لقيت ماما و منال و بابا، سلمت بسرعة و نزلونا على الحجز اللي في البدروم.
في البدروم فكوا الكلابشات و سابونا، حصلت شوية مناوشات على إزاي يحجزوا البنات و الولاد (أصل نيابة ضد الأختلاط).
الحجز عبارة عن أوضة حيطانها قيشاني و طرقة حيطانها جبس و حمام بلدي قذر. بدل الشبابيك شراعات و قدام كل شراعة في حرس.
الحيطان كاننصها مليان أسماء و شعارات لناس من الأخوان المسلمين و جماعات سلفية مختلفة و لقينا مالك حفر أسمه و كلمة كفاية بس مش واضحة. الكتابات من 2001 على الأقل و حاجة تبكي، تلاقي واحد كاتب 170 يوما على ذمة التحقيق و مازال العرض مستمر.
المهم طلع حد فينا معاه قلم ماركر و رحنا ملينا الحيطان و السقف و مواسير التهوية بأسامينا و شعاراتنا و نكاتنا و عناوين مواقع نت و الذي منه..من الآخر شلفطنا النيابة.
لما الناس نزلوا نيابة بعد حبسنا بكام يوم فوجئوا، كمال خليل بيقول أن بقاله سنين بيتحقق معاه في النيابة و دي أول مرة يشوف أسامي ناس مش أسلاميين. واضح أن الموضوع ده أزعج السلطات لدرجة أننا لما عرضنا تاني يوم 20 مايو لقينا الحيطة القيشاني نضيفة تماما نضافة القطنة اللي ما بتكدبش (لاحظ أنها نضيفة لأول مرة منذ 2001) و غالبا ده كان سبب وجود أسماعيل الشاعر داخل سراي النيابة أثنا عرضنا.
طول ما أحنا جوه كنا بنهتف و نغني و الدنيا عال و كل شوية أسماء تفكرني بهدية عيد ميلاد الريس اللي بتاعة تهمة أهانة الريس؟!! طب أحة ياريس و تضحك.
قصر الكلام شوية و ابتدوا يطلبونا واحد واحد للتحقيق. دخلت و معايا بابا و آخرين و وكيل النيابة قعد يهلفط بكلام إنشاء ركيك المفروض أنه بيوصف التهم الموجهالي. طبعا رفضت التحقيق أمام نيابة أمن الدولة و طلبت قاضي تحقيق (لمل نشوف حلمة ودننا) و خرجت قعدت شوية مع المحامين اللي قدمولي طلب زيارة داخل سراي النيابة (يعني طلب أني أقف مع منال خمس دقايق، و راح الزفت وكيل النيابة رفض الطلب و نزلوني تاني على الحجز.
شوية و نقلونا تاني على عربية الترحيلات من غير مايبلغونا قرار النيابة ايه. و أحنا طالعين شفنا جمهور كبير من الأهل و الأصدقاء واقف بره، عملنا علامات نصر بإيدينا و أبتدينا نهتف و يردوا علينا، في ثواني راحوا منزلين أمن مركزي و كردنوهم (لحسن أختي الصغيرة تفجر النيابة ولا حاجة). بيقولوا من أكبر المظاهرات اللي أتعملت قدام نيابة أمن الدولة و بيقولوا مكانتش متوقعة. ذاكرتي عنها أنها كانت حزينة جدا و كان أول مرة في اليوم المنيل ده أحس أني هعيط، منال و منى و ميسرة كان شكلهم حزين جدا.
قسم الخليفة
تاني عربية تراحيل و تاني كلابشات و تاني هتاف من جوه العربية كل مانقف في مكان فيه ناس أو نعدي على أتوبيس، إذا كانت المظاهرة اللي اتمسكنا فيها ماتستاهلش فالمظاهرة اللي عملناها في العربية يمكن كانت تستاهل.
لما لقينا العربية داخلة على وسط البلد اتسرعنا و قلنا بس واخدينا على لاظوغلي، بس طلعوا واخدينا على حجز التراحيل في الخليفة.
و أحنا طالعين من النيابة كل واحد فينا استلم شنطة و بطانية من لجنة الإعاشة و أنا وصلتلي نضارتي المناضلة اللي كانت وقعت على الأرض وقت القبض علي (نفس النضارة اتبهدلت آخر مرة تضامنت فيها مع القضاة أيام الأنتخابات، كل واحد و هو نازل من العربية في قسم الخليفة شال شنطته و بطانيته، و فصلوا البنات طلعوهم حجز نساء فوق و خدونا أحنا الخمسة على زنزانة كبيرة و قذرة في الدور الأرضي.
عبر الباب شوفنا زنزانة أخت زنزانتنا بس بدل ما فيها خمسة فيها خمسين و طول الليل يدخلوا عليهم ناس زيادة، الحمام الملحق بزنزانتنا كان مسدود و آخر وساخة و على الفجر طفح و دلق مية وسخة في الزنزانة و طبعا حشرات و فئران وما إلى ذلك.
برضه قضيناها غنا و هتاف و تفاعلنا مع المساجين اللي على الناحية التانية و عملنا مناورات عشان يدخلنا شاي و بعدين رحت في نومة.
تاني يوم بلغنا أن قرار النيابة حبس 15 يوم على ذمة التحقيق و أننا هنتنقل الساعة 3 بعد الظهر لسجن طرة تحقيق.
شوية و لقينا المساحة ما بين الزنازين اتملت ناس، أنتم مين يا أخواننا قالك أحنا عمال من شرم الشيخ لمونا كلنا علشان ينضفوا البلد قبل المنتدى الأقتصادي و بيرحلونا على بلادنا بقالهم أسبوعين. مقدرش أوصف احساس العجز و أحنا قاعدين 5 في زنزانة كبيرة و دول مئات مزنوقين في طرقة و كل اللي قدرينا نعمله أننا نعزم عليهم ببقسماط من نتاع لجنة الإعاشة.
شوية و جالنا التعيين الميري (الأكل اللي السجن بيسلمه للمساجين) عيش و حلاوة و جبنة نستو. و قلنا نفطر طلعنا الأكل بتاع الإعاشة و التعيين. حلاوة السجن طلعت منتهية الصلاحية بس العيش بتاع السجن كان أحلى من عيش الإعاشة بكتير. أكلة خفيفة علشان مضطرش لدخول الحمام لحد ما نلاقي حمام نضيف.
شوية و دخل علينا ظابط خد بياناتنا و قال أنه هيعملنا فيش. حصلت مناقشة عبثية مع بتوع الغد حوالين هل من حقهم يعملوا فيش و لا لأ و قاعدوا يستشهدوا بأيمن نور لما معرفش حصلوا ايه (لولا أني فهمت السجن وحش قد ايه كنت قلت أيمن نور استريح، أتباعه فقعوا بضاننا في الحبسة المنيلة دي).
عملنا فيش و صورونا و الذي منه و اشترينا سجاير عشان نستخدمها في طرة و بعدين لقيناهم بينقلونا لزنزانة تانية قيل عنها زنزانة الأجانب و في قول آخر زنزانة الوزراء. و سمعنا أن البنات أتنقلوا خلاص على سجن القناطر. الزنزانة نضيفة و الناس اللي قاعدة فيها شكلها مطول مش بس معدي تراحيل و الأهم حمامها نضيف. كان فيها يجي 6 مساجين منهم محامي و عضو حزب وطني و شاب بيشتغل في الخارجية، أتاري عدا عليهم التلات دفعات بتوع كفاية اللي سبقونا، اتكلمنا شوية عن كفاية و حال البلد و دخلنا الحمام و استنينا لحد ما نقلونا تاني في عربية ترحيلات.
و أحنا طالعين فادي بدأ الهتاف، الظابط قفش و سكتنا لحد ما طلعنا بره السجن و وقفنا قدام العربية و بعدين راح قال لفادي أهتف بقى. بدأ فادي بعمر السجن ما غير فكرة.. الظابط قاله سجن ايه اهتف يسقط يسقط، و بدأت مظاهرتنا لحد السجن.

هناك تعليقان (٢):

غير معرف يقول...

Hmm I love the idea behind this website, very unique.
»

غير معرف يقول...

Greets to the webmaster of this wonderful site. Keep working. Thank you.
»