الخميس، يونيو ٠١، ٢٠٠٦

علاء في رسالة للمدونين



الأصدقاء المدونون: وصلتني تدويناتكم فوجدتني مسرور البال لها مش عارف ايه .. بما اني في المعتقل وفاضي (دي كدبة لو تعرفوا الحقيقة) قلت أنظر واتفلسف شوية.ـ

أحنا ليه بنحب نصبغ الحاجات صبغة رومانسية خصوصاً واحنا حمير في معركة واحدة، حمير مش فاهمة حاجة وبنتعلم للمرة الأولى ودروسنا دي لو استوعبناها نقدر نخفف على نفسنا وعلى اللى جاي بعدنا كتير، لكن الرومانسية دي نتيجتها اننا منتعلمش أى حاجة.ـ

منال صامدة ده شئ أنا متأكد منه وممنون ليها لأن صمودها ده مبنى عليه تحسن وضعي في السجن من أول الحملة الإعلامية اللي مشكلة ضغط حقيقي لحد الغيارات النضيفة والطبيخ اللي بيوصل رغم انشغالها.ـ

لكن ده مش معناه أن منال عاملة معجزة، غالبية أهالي المعتقلين صامدين وبيقوموا بدور كبير جداً بره ودي حاجة لازم تكون القاعدة مش الاستثناء عشان لما أدخل السجن أعرف ان وارايا أهلي ولو أنا مسجون بعيد عن بيتي يبقى ورايا أهل زملائي، من غير ما أحس بحرج ولا أحس أني مسبب مشكلة. أؤكد ليكم ان الغالبية العظمى منكم صامدين وقادرين تتحملوا السجن إن كان ليكم أو لأحبابكم لكن عشان تصمدوا لازم تبقوا مستعدين.ـ

من الظلم أنك تنزل الشارع في اعتصام أو مظاهرة من غير أهلك ما يعرفوا أو يفهموا، لو عارفين وفاهمين حتى لو مش قابلين هتلاقيهم وراك بيحموك يوم ما تتحبس أو تتعذب لكن لو مفاجئة غير متوقعة خالص ولا مفهومة يبقى طبيعي يكون رد فعل سلبي جداً. لكن عشان نفهم ده لازم نكون واقعيين وبعدين لما نبطل رومانسية نفهم ان الصمود جزء منه ان يكون عندك معلومات .. عارف تعمل أيه وادينا بنتعلم.ـ

رومانسيتنا دي بعتتني وبهدلتنى أول يومين.
سقراط مستغربة ان معنوياتنا كانت كويسة يوم النيابة. طبعاً كانت كويسة هو مش احنا قعدنا نقول تلاقيهم جوه مبسوطين؟ تلاقى مالك بينشر البهجة؟ أنا قضيت اليوم ده كله مطمئن لأنى رايح للمجموعة ولأننا عزوة وهقابل أصحابى وهبقى مع مناضلين زي كمال خليل .. يعني في الأمان.
طلعت حمار. طلع السجن متكدر والوضع بهدلة والمجموعة متفرقة وطلع مالك ميتين أبونا بدل ما ينشر البهجة.
قضيت كام يوم كاره الناس وفاكر العيب فيهم لحد ما أبتدى السجن يأثر عليا أنا كمان، لحد مابقيت بنرفزتي وتوتري بسبب مشاكل للناس. وقتها عذرت مالك.ـ

كمال خليل بكل واقعية وصراحة شرحلي أن ده عادي،
وائل وشرقاوي بشكل غير مباشر ساعدوني اتحكم في نفسي. تفتكروا لو احنا واقعيين مش كان ممكن وفرنا على بعضنا اللفة دي؟ من الأول تعاملنا مع تأثير السجن السئ علينا؟ مش كان ممكن تفادينا متشات المزايدة السياسية ومتشات الراديكالية الحنجورية اللى دورها الوحيد هو تأكيد صورة رومانسية اننا أبطال عظام مناضلين قادرين على أي حاجة وعارفين كل حاجة؟
آسف نفسنت عليكم جامد.ـ

تدعي
سقراط ان أننا قلت لازم اللي ليه عمل سياسي يكون مستعد يتحبس ويتضرب ويغتصب لكن للأسف أنا ملتزمتش بالنصيحة دي. كنت مش مستعد بالمرة مصر اتقاتل ومصدق اني لايمكن يتقبض عليا. وأديني اهه في الحبس بقالي تلات أسابيع ولسه مش مصدق.ـ
ظاهرياً انا متوائم ومستحمل، لكن الحقيقة ان عندي شوية خبرات حياتية مساعداني اتعامل مع المشاكل اللي من نوع التعامل مع الجنائيين، الحمام البلدي، الاجتماعات الساخنة، النوم في نصف متر، الطبيخ من غير أدوات أو حتى مكونات، الخ. لكن الحبسة نفسها؟ أبداً .. أنا متبهدل جداً، ناس تانيه زي كريم رضا محتاسين تماماً في الحاجات الحياتية دي طلعوا أقوى مني بكتير. ومن الآخر من غير شرقاوي ووائل خليل معرفش كنت هبقى عامل إزاي.ـ
هل السجن هيخلينا أقوى مما كنا؟ يمكن، يمكن دي بجد ومش شعار رومانسي. الأكيد ان شعار عمر السجن ما غير فكرة شعار عبثى! السجن ده غيرلي أفكار كتير عن الناس اللي معانا (بعضها بشكل إيجابي وبعضها بشكل سلبي) وغير فكرتي عن الحركة وعن السجن نفسه.ـ